قصة شاب متهم بسرقة بيت تزوج إبنتهم

قصة شاب متهم بسرقة بيت تزوج إبنتهم

هذه القصة من أجمل وأغرب القصص وهي تروى عن الأصمعي …

قصة شاب متهم بسرقة بيت تزوج إبنتهمقصة شاب متهم بسرقة بيت تزوج إبنتهم

القبض على شاب سارق وتقديمه للحاكم

بقول الأصمعي : دخلتُ البصرة أريد بادية بني سعد” وكان أمِيـرَ البصرة يومَئِذ خالد بن عبد الله القَسْـري … فدخلت عليه يوماً
فوجدت قوماً يمسكون بـشاب ذي جمال وكمال وأدب ظاهر وله وجه زاهر” حَـسَنُ الصورة طيب الرائحة جميل الملابس … عليه سـكينةٌ وَوِقَار.

اعتراف الشاب بالسرقة

فقدموه إلى خالد …. فسألهم عن قصته فقالوا :
هذا لـص قبضنا عليه البارحة في منزلنا .. فنظر إليه الأمير خالد القسري فأعجبتهُ نظافته وحُـسنُ هيأته فقال .. خلوا عنه.
ثم أدناه منه وسأله عن قصته” فقال لقد صدقوا فيما قالوه … والأمر على مـا ذكروه
فقال له : ماحملك على ذلك” وأنت فـي هيئة جميلة وصورة حسنة ؟! قال حملني على ذلك الشَرّْ والإساءة في الدنيا ..
فقال له خالد: ثكلتك أمك أما كان لك في جمال وجهك، وكمال عقلك وحسن أدبك زاجِّراً لك عن السرقة ؟
قال الشاب : دَعّْ عنك هذا أيها الأمير .. واقض في أمري بما أمرك الله تعالى به. فذلك بما كسبت يداي … وما الله بظلام للعبيد”
فسكت خالد ساعة يفكر في أمر الفتى” ثم أدناه منه وقال لـه: إن إعترافك على رؤوس الأشهاد قد رابني وأنا لا أظنك سارقاً” وإني أشك في أن لك قصة غيَّر الـسرقة فأخبرني بها .

قصة شاب متهم بسرقة بيت تزوج إبنتهم

محاولة الأمير تبرئة الشاب، لكنه ألقاه في السجن

فقال الشاب : أيها الأمير …. لا يقعُ في نفسك سوى ما اعترفت به عندك.. وليس لي قصة أشرحها لك إلا أني دخلتُ دار هؤلاء
القوم فسرقت منها مالاً فأدركُونِـي وأخذوه مني وحملوني إليْك . فأمر خالد بحبسه وأمر منادياً ينادي في البصرة …..
ألا مـن أحب أن ينظر إلى عقوبة اللص فلان وقطع يده فاليحضُر في الغد”
فلما استقر الفتى في الحبـس ووُضع في رجليه
الحديد تنفس الصعداء ثم أنشد يقول :
هددني … خالدٌ بقطع يدي
إن لم أبُح عنده .. بقصتها””
فقلت هيهات أن أبوح بِمَا
وَقَرَّ في القلب من محبَتِهَا””
قطع يدي بالذي إعترفتُ به
أهون للقلبِ من فضيحتها””

طلب الامير من الشاب تغيير أقواله ليفلت من العقاب

فسمعه الموكلون بـه فأتوا خالداً وأخبروه بذلك فلما جَنَّ الليل أمر بإحضاره إليه، فلما حضر استنطقه فرآه أديباً عاقلاً لبيباً .. فأعجب به فأمر بِالطعام فأكلا وتحادثا ساعة ثم قال له خالد: قد علمت أن لك قصة غير السرقة … فإذا كان غداً وحضر
الناس والقضاة وسألتك عـن السرقة …. فأنكرها واذكر فيها شبهاتٍ تدرأ عنك قطعُ يدِك. ثم أمر به إلى السجن . فلما أصبح الصباح … لم يبق بالبصرة رجل ولا امرأة إلا حضر ليرى عقوبة ذلك الـشاب، وركب خالد ومعه وجّْهَاء أهل البصرة وكُبَرَائها.. ثم دعا القاضي وأمر بإحضار الفتى فأقبل يَجَرُّ قيوده ولم يبقَ أحد من الحضور إلا بكى عليه، ثم خاطبه الأمير فقال:
إن هؤلاء القوم ……. يزعمون أنك دخلت دارهم وسـرقت مالهم فما تقول فـي ذلك ؟!
ردّ الشاب : أجل لقد صدقوا أيها الأمير إني قد دخلت دارهم وسرقت مالهم
قال خالد: لعلك سرقت دون النصاب
رد الشاب : بل سرقت نصاباً كاملاً ..
قال خالد: فلعلك شـريك القوم في شيء منه؟!
قـال: بل هو جميعه لهم .. لا حق لي فيه..
فغضب خالد وقام إليه بنفسه وضربه على
وجهه بالسوط، وقال:

يريد المرأ أن يُعْطى مناه — ويأبى الله إلا ما يريد

الحكم بقطع يد الشاب السارق وظهور فتاة تدعي أنه بريئ

ثم دعا بالسياف ليقطع يده، فحضر وأخرج سيفه، ثم أمر الشاب بِمدِّ يدهُ، وقام برفع سيفه ليقوم بقطعها فبرزت جارية مـن بين النساء عليها آثار العشق فصرخت
ورمت بنفسها عليه، ثم أسفرت عن وجهٍ كأنه البدر
وارتفع للناس ضجة عظيمة كاد أن تقع منه فتنة.. ثم نادت بأعلى صوتها للأمير : ناشدتك بالله أن لا تقطع يده حتى تسمع مني . وأعطته رقعة ففتحها فوجد مكتوبٌ عليها
ــــــــــــــــــــــــ

أخالد ……. هذا مُستهَام مُتيمٌ
رمتهُ لِحَاظي من قَسِيِّ الحَمَالِق
فأصمَاهُ سَهمُ اللحظِ مني فَقَلبُهُ
حَلِيفُ الهوَى من دَائِه غيْر فائِق
أقَرَّ بما لم يَقتَرفهُ ………. لأنهُ
رأى ذاكَ خيراً من هَتِيِّكة عَاشِق
فَهلَا عَفَوتَ عن الصَبِّ الكَئِيِّبِ لأنهُ
كَرِيمُ السَجَايَا في الهَوَى غَيَّر سَارِق

براءة الشاب من السرقة 

فلما قرأ الأمير الأبيات تَنَحَى وانعزل عن الناس وأحضر المرأة ثم سـألها عن القصة , فأخبرته أن هذا الفتى يريدها زوجة له وهي له محبة …. وأنه أراد زيارتها مُتَخَفِيَاً . فحاول أن يُعلِمُهَا بِوصُولِه فرمى بحجرٍ إلى الدار فلما سمع أبوها وإخوتها صوت الحجر صعدوا إليه” وحين أحسَّ بهم جمع بعض أغراض البيت وجعلهُ في صرَّة فقبضوا عليه وقالوا هـذا سارق .. وأتوا به إليك فاعترف بالسرقة وأصَرَّ على ذلك، وهان عليه قطع يده لكي يَـستُر عليَّ ولا يفضحني . وكلُ ذلك لغزارة مُروءتهِ وكرم نفسه وأخلاقه …..

الأمير خالد القسري يزوج البنت للشاب السارق

فقال خالد: إنه خَليِّقٌ بذلك ثم استدعى الفتى إليه وقَبَّل ما بين عينيه ، وأمـر بإحضار والد الجارية وقال له يا شيخ
إنا كنا عزمنا على إنفاذ الحكم في هذا الشاب بِقطعِ يده ، وإن الله عصمه من ذلك وقد أمرتُ لـهُ بعشرة آلاف درهـم لبَذّْلهِ يدَهُ حِفظَاً لِعُرضِكَ وعِرضِ إبنتك وصيانته لكمَا من العار
وقـد أمرت أيضاً لإبنتك بعـشرة آلاف درهم”
وأنا أسـألك أن تأذن لي في تزويجها منه
فقال الـشيخ: قد أذنتُ لكَ أيها الأمير بذلك فافعل
ما تشاء … وأقضي بما تريد””.! فحمد الأمير خالد الله وأثنى عليه
ثم أمر بحمل المال إلى دار الفتى مزفوفا في الصوان وانصرف الناس مسرورين، ولم يبق أحد في سوق البصرة إلاّ نثر عليهما السكر حتى دخلا منزلهما مسرورين مزفوفين
قال الأصمعي: فما رأيت يوما أعجب من ذلك اليوم ،
أوله بكاء وقرح، وآخره سرور وفرح .

فاصل

قناة رحيل الليل للقصص والحكايات قناة رحيل الليل

روابط قد تهمك: 

شارك الموضوع
إذا أعجبك المقال ،لا تَقْرَأْ وتَرْحَل، وتُحَمِّل وتَرْحَلْ … تَـعْلِيقَـاتُكَ تَـشْجِيعٌ لَـنَـا لِنَسْتَمِرَّ فِــي الْبَحْثِ وَالْعَطَـاء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

حول الكاتب :   من أقصى شمال المغرب كاتب مقالات إلكترونية حول كيفية بناء موقع ويب ناجح : ووردبريس ، HTML ، CSS .ومواضيع مختلفة وناشط على اليوتيوب في قناة: Jabism Web و رحيل الليل
كتب 447 مقالة في jabism.com.
-:- راسلني   -:- تابعني على تويتر   -:- تابعني على الفايسبوك

9 عدد المشاهدات لهذا المحتوى
Scroll to Top