قصة عبدالله بن حذافة مع قيصر الروم
عبدُ الله بنُ حُذَافَةَ وتقبيله لرأس قيصر الروم
قصة عبدالله بن حذافة مع قيصر الروم
اليوم سأروي لكم قصة هي الأجمل والأروع والأغرب مما تتصورون .. وهي قصة تروي بعضاً من حياة صحابي من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. أخص بالذكر هنا الصحابي الجليل « عبد الله بن حذافة السّهمي » رضي الله عنه. حين سقط أسيراً في يد الروم هو وبعض الجنود المسلمين . وسنتعرف على الظروف التي جعلته يقبل رأس قيصر ملك الروم؟
القصة بدأت بعدما بعث الخليفة عمر بن الخطاب جيشاً لمحاربة الروم لفتح بلاد الشام، . وقد ولّـي عبد الله بن حذافة أميراً على الجيش لخوض هذه المعركة…
خرج جيش الاسلام لغزو الروم ،فغزاهم و أوقع بهم هزيمة مدوية .. و بما أن الحرب خدعة فقد حدث أمر لم يكن بالحسبان وهو أن عبد الله بن حذافة و ثلة قليلة كانت معه وقعوا في كمين نصبه لهم الروم فأخذوهم أسرى ..!!
قصة عبدالله بن حذافة مع قيصر الروم
وهنا تحدث المفاجأت .. خصوصاً أن قيصر كان يتمنى أن يرى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد تحقق حلمه حين تم القبض على واحد منهم والذي يعد من الصحابة المقربين.. لقد سمع عنهم الكثير و تعجب من أمرهم في الغزوات وانتصاراتهم التي ملأت أخبارها الدنيا . وما لقاؤهم بجيشه ببعيد .. مما تظنون أنه فاعل بهم وقد أصبحوا أسرى بين يديه؟
فلطالما تمنى أن يرى تميزهم . ويرى أي نوع من الرجال هم..!! وقد جاءت الفرصة بين يديه ليختبرهم بنفسه . اليوم سيكشف قيصر عظيم الروم أي نوع من الرجال هؤلاء الذين يُدْعَون أصحاب محمد صلى اله عليه وسلم . ها هم الان في قبضته . ماذا يا ترى هو فاعل بهم؟
دفع قيصر عبد الله إلى أحد رجاله و أوصاه * أن يتركه دون أكل حتى يجوع * ثم يقدم له لحم خنزير * فمنع عنه الرجل الأكل . و كان كل يوم يأتيه بلحم خنزير
فيضعه أمامه ليأكله * و لكن عبد الله كان يُعرِضُ عنه، و يقول: هذا طعام لا يحل لنا أكله * و مضت على ذلك أيامٌ حتى شارف على الهلاك..
فأخبر الرجل قيصر بذلك * فقال له : أطعمه ما يريد * ثم اجعله يعطش حتى يبلغ منه الضمأ مبلغه، ثم أعطه خمراً ليشربها بدلاً من الماء. * ففعل الرجل ذلك ..
لكن ما ظنكم بصاحب رسول الله أيُشمِت به الروم؟ كان يعرض عن الخمر و يقول :هذا شراب لا يحل لنا شربه . وبقي على هذا الحال حتى كاد أن يهلك.
فأخبر الرجل قيصر بذلك * و قال له :إن كانت لك في الرجل حاجة فأطعمه ما يريد و دعه يشرب ما يريد قبل أن يهلك . فقال قيصر :
دعه يأكل و يشرب ما يريد، إنني بلوته بالضراء و سأبلوه بالسراء، أرسلوا إليه أفخر الطعام و الشراب و الثياب و الجواري الحسان….
ففعل الرجل ذلك .. لكن ما ظنكم بصاحب رسول الله أيُشمِت به الروم؟ فهو لم يلتفت إلى شيء حرمه الله. بل كان لا يأكل إلا قوتاً يشبع جوعته، و لا يشرب إلا ماء يروي عطشه و لا يبدل ثوبه إلا إذا اتسخ ولا ينظر إلى النساء…. هذه الحيلة أيضاً لم تنفع معه .. وهذا الاختيار لم يفشل فيه.
فاستدعاه قيصر ونظر إليه طويلاً ثم عرض عليه أمرين إما أن يتنصر ويخلي سبيله . وإما أن يقتله .. ، فاختار أبو حذافة الموت على أن يغير دينه . فغضب الملك وأمر جنوده بصلب عبد الله ورميه بالرماح لإخافته حتى يرجع عن دينه، إلا أن أبا حذافة بثباته وإصراره جعل قيصر يأمر جنوده أن يتركوه، وأمرهم بجلب قدر عظيم صُبَّ فيه الزيت ووضع على النار حتى غلي، ثم دعا بأسير من أسرى المسلمين وأمر أن يُلقى فيها فأُلقي، فإذا لحمه يتفتت وعظامه تطفو على السطح، ثم التفت قيصر إلى أبي حذافة وعرض عليه النصرانية مرة أخرى إلا أنه رفض فأمر قيصر جنوده أن يُلقوه في القدر.
وقف عبد الله ينظر إلى القدر وعيناه تدمعان، وعندما رآه الملك على هذه الحال صرخ بجنوده أن يأتوه به لعله يكون قد جزع وخاف من الموت. إلا أن أبا حذافة قال: «واللهِ ما أبكاني إلا أني كنت أشتهي أن يكون لي عدد الأرواح بقدر ما في جسدي من شعرٍ فتُلقى كلُّها في هذا القدر في سبيل الله». فتعجب قيصر من شجاعته وكاد أن يجن لما رىه من شموخ وثبات وعزة بالدين. فقال لعبد اله بن حذافة: «هل لك أن تقبّل رأسي وأُخلِّي سبيلك؟» فرد عليه: «عنّي وعن جميع الأسرى؟» فوافق ثم دنا أبو حذافة منه وقبَّل رأسه، فأمر قيصر بإخلاء سبيل جميع أسرى المسلمين (و كانوا حوالي ثمانين رجلاً). وعندما عاد أبو حذافة مع الأسرى إلى المدينة المنورة سُرَّ الخليفة عمر بن الخطاب بلقائهم . وعندما علم بالقصة وعلم أن مرافقوا عبد الله كانوا يتمنون الشهادة عند الروم وليتهم لم يعودوا أحياء . قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «حقٌ على كل مُسلم أن يُقبِّل رأس عبد الله بن حذافة، وأنا أبدأ، فقبل رأسه » قد كنتم تتمنون الشهادة وهو يتمنى أن يبقى جيش المسلمين لنشر دين الله .
و قال له: يرحمك الله
ما منعك إذ بلغ بك الجهد ما بلغ أن تأكل لحم الخنزير * و أن تشرب الخمر * فقال :و الله يا أمير المؤمنين * لقد علمت أن ذلك
موسّعاً لي فيه، و لكنني كرهت أن يشمت الروم و قيصر بالإسلام و أهله.
و كان أصحاب رسول الله صلوات الله وسلامه عليه يمازحون عبد الله فيقولون له: قبّلت رأس علج يا عبد الله
فكان يجيبهم:
ما ضرني ما فعلت و قد أطلق الله بتلك القُبلة ثمانين أسيراً من المسلمين.
رضي الله عن عبد الله بن حذافة و أرضاه.
قناتي رحيل الليل للقصص والحكايات على اليوتوب
روابط قد تروقك: