قصة الأصمعي معلم أبناء هارون الرشيد

قصة الأصمعي معلم أبناء هارون الرشيد

الاصمعي حين اصبح معلم أبناء هارون الرشيد ، فتغير حاله من فقير منبوذ إلى صاحب ضيعات وعقارات.

 

معاناة الأصمعي مع بَقَّال الحي

يقال أن الأصمعي حكى هذه القصة عن نفسه فقال :
كنت بالبصرة أطلب العلم ، وأنا شاب فقير.  وكان على باب زقاقنا بقّال ، إذا خرجتُ باكراً ، يقول لي إلى أين…؟
فأقول إلى فلان المحدّث ، و إذا عدت مساءً يقول لي من أين..؟
فأقول من عند فلان الإخباريّ أو اللغويّ ، فيقول البقال : يا هذا ، إقبل وصيّتي واعمل بنصيحتي، أنت شاب فلا تضيّع نفسك ووقتك في هذا الهراء ، واطلب عملاً يعود عليك نفعه وأعطني جميع ما عندك من الكتب فأحرقها. فوالله لو طلبت مني بجميع كتبك جزرة ، ما أعطيتُك..!

شدة فقر الأصمعي وهو طالب العلم

فلما ضاق صدري بمداومته هذا الكلام ، صرت أخرج من بيتي ليلاً وأدخله ليلاً ، وبين ذهابي وإيابي يزداد حالي ضيقاً وفقراً، حتى أضطررت إلى بيع ثياب لي ، وبقيت لا أهتدي إلى نفقة يومي ، وطال شعري ، وبليَ ثوبي ، واتّسخ بدني..،
فبينما أنا كذلك ، متحيّر في أمري ، إذ جاءني خادم للأمير محمد بن سليمان الهاشمي وقال لي : أجب الأمير..
فقلت : ما يصنع الأمير برجل بلغ به الفقر مبلغاً كما ترى..؟

قصة الأصمعي معلم أبناء هارون الرشيد

الحياة تبتسم للأصمعي

فلما رأى سوء حالي وقبح منظري ، رجع فأخبر محمد بن سليمان بخبري ، ثم عاد إليّ ومعه صندوق ثياب ، ودرج فيه بخور ، وكيس فيه ألف دينار ، وقال : قد أمرني الأمير أن أُدخلك الحمام ، وأُلبِسك من هذه الثياب وأدع باقيها عندك ، وأطعِمك من هذا الطعام ، وأبخّرك ، لترجع إليك نفسك ، ثم أحملك إليه ،
فسررت سروراً شديداً ودعوتُ له ، وعملتُ ما قال ، ومضيت معه حتى دخلت على محمد بن سليمان ، فلما سلّمتُ عليه..
قرّبني ورفعني ثم قال : يا عبد الملك ، قد سمعت عنك ، واخترتك لتأديب ابن أمير المؤمنين ، فتجهّز للخروج إلى بغداد..
فشكرته ودعوت له ، وقلت سمعاً وطاعة سآخذ شيئاً من كتبي وأتوجّه إليه غداً.

قصة الأصمعي معلم أبناء هارون الرشيدقصة الأصمعي معلم أبناء هارون الرشيد

وعدت إلى داري فأخذت ما أحتجت إليه من الكتب ، وجعلتُ باقيها في حجرة سددتُ بابها ، وأقعدت في الدار عجوزاً من أهلنا تحفظها..

الأصمعي يعلم إبن هارون الرشيد

فلما وصلت إلى بغداد دخلت على أمير المؤمنين هارون الرشيد فقال لي : أنت عبد الملك الأصمعي..؟
قلت : نعم ، أنا عبد الملك الأصمعي يا أمير المؤمنين..
قال : إعلم أن ولد الرجل مهجة قلبه وها أنا أسلم إليك ابني محمداً بأمانة الله فلا تعلمه ما يُفسد عليه دينه ، فلعله أن يكون للمسلمين إماماً..
قلت السّمع والطاعة يا مولاي، فأخرجه إليّ ، وحُوِّلْتُ معه إلى دار قد أُخليت لتأديبه ، وأجرى عليّ في كل شهر عشرة آلاف درهم فأقمت معه حتى قرأ القرآن ، وتفقّه في الدين ، وروى الشعر واللغة ، و علم أيام الناس وأخبارهم..
وأستعرضه الرشيد فأُعجب به وقال : أريد أن يصلي بالناس في يوم الجمعة ، فاختر له خطبة فحفِّظْه إياها ، فحفّظتُه عشراً ، وخرج فصلى بالناس وأنا معه ، فأعجب الرشيد به وأتتني الجوائز والصِلات من كل ناحية ، فجمعت مالاً عظيماً اشتريت به عقاراً وضياعاً وبنيت لنفسي داراً بالبصرة فلما عمرت الدار وكثرت الضياع ، استأذنتُ الرشيد في الانحدار إلى البصرة ، فأذن لي..

عودة الأصمعي إلى بلده وقد اغتنى

فلما جئتها أقبل عليّ أهلها للتحية وقد فَشَتْ فيهم أخبار نعمتي وتأمّلت من جاءني ، فإذا بينهم البقّال وعليه عمامة وسخة ، وجبّة قصيرة فلما رآني صاح : عبد الملك..!
فضحكت من حماقته ومخاطبته إيّاي بما كان يخاطبني به الرشيد ثم قلت له : يا هذا ، قد والله جاءتني كتبي بما هو خير من الجَزَرة..!
من كتاب ” الفرج بعد الشدة ” للتنوخي

قصة الأصمعي معلم أبناء هارون الرشيد

فاصل

قناة رحيل الليل للقصص والحكايات قناة رحيل الليل

روابط قد تهمك: 

شارك الموضوع
إذا أعجبك المقال ،لا تَقْرَأْ وتَرْحَل، وتُحَمِّل وتَرْحَلْ … تَـعْلِيقَـاتُكَ تَـشْجِيعٌ لَـنَـا لِنَسْتَمِرَّ فِــي الْبَحْثِ وَالْعَطَـاء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

حول الكاتب :   من أقصى شمال المغرب كاتب مقالات إلكترونية حول كيفية بناء موقع ويب ناجح : ووردبريس ، HTML ، CSS .ومواضيع مختلفة وناشط على اليوتيوب في قناة: Jabism Web و رحيل الليل
كتب 480 مقالة في jabism.com.
-:- راسلني   -:- تابعني على تويتر   -:- تابعني على الفايسبوك

14 عدد المشاهدات لهذا المحتوى
Scroll to Top