الحب في الشارع

  ال «حب» في الشارع

قد يبدو العنوان مألوفاً لذا شباب اليوم، بينما سكان الزمن الجميل سيشعرون بِـرَجَّةٍ لا إرادية فور رؤية العنوان قبل الاستمرار في قراءة هاته المقالة. و أنا بدوري أشمئز حين أخوض في مثل هاته المواضيع، لكنه الواقع الذي أصبح يفرض نفسه ببشاعة شنيعة! فالأمر ما عاد يقبل العجب والاستغراب.
«الحب» تلك الكلمة المقدسة التي حين تدخل قلب اثنين تُـغيِّـر ألوان حياتهما 🙂
فتجعلها فضاءً بلا حدود ، تُـقدم لهما المُمكن على مائدة المستحيل، فتفيض روحهما
إلى عوالم الخيال البعيدة، لِـيَـبْـنيا بيتاً من رحيق الزهر على صفحات السحب العالية .
هذا ما عَرَفنَـاهُ و ألِفْنـاهُ ذات زمان. و عشنا بعد ذاك الزَّمانُ زَماناً ، حتى أصبح الحب
مجرد موضة ، تنهشه أنياب كراكيز التَّمدن الأحمق، ففقدت معالمه عذريتها مثل كل
شيء جميل في هذا العام الغريب و صار يُـعرض علانية كلوحات الإشهار،أو كأوراق الخريف المتساقطة على طول الشارع.
و حين تشاهد العناق و تشابك الأيادي على الرصيف و في الحدائق العامة، تشتَم رائحة الزَّيف تطفو فوق رؤوس العُشَّاق!
هو يريد أن يتمرد على الفطرة و نـور الحياء و ينال منها كل شيئ،
هي تريد أن تنتقم لفكرة الحرمان داخل أسرة محافظة، فيأكلا من التمرة المحرمة قبل الأوان.
هو في الأصل لا يُحبّها، مجرد تقليد ناشز و إشباع لنزوة عابرة قد تقوده إلى أخرى في المساء.
هي لا تصدق كلامه، لكن أفلام العهر هَـَّيجت رغبتها في الانتحار!
انتحـار الشـرف أصبح مألوفـاً على الكورنيش أو جنبات الطريق وبين صخور الشاطئ .
يا زمــان ! .. فعلاً ذهب ذاك الزمان و راح، كنا نتمنى إذا التقينا بفتاة الحي أو زميلة القسم أن تبتسم لنا، مجرد ابتسامة! 
و اليوم لا تحلم و لا تتمنى فهي من تبحث عنك بين زقاق الفايسبوك لتضرب لك موعداً من بلد بعيد، هي من ستدفع أنت فقط قل « موافق » و يشتعل المصباح .


                                               ▓▒▒▒░░░ ▃ الحب في الشارع ▃ ░░░▒▒▒▓


في بداية التسعينات من القرن الماضي و قبلها، لم نكن نرى إلا ناذراً
فتاة في كامل زينتها تتجول مع شاب لا يربطهما عقد زواج أو على الأقل خطبة معلنة.
هاته الجلسات الحميمية في حديقة المدينة و في وضح النهار كانت استثناءً و بشكل
خجول بين فتاة و شاب حديثا عهد بزواج أو عقد قران.
و إن وُجد، كان حديثهما قطعة من أحلام عذبة جميلة، يتكلمان عن برنامج مصور بدقة ،
فهما يُشَيِّـدان بيتاً بسيطاً من خيالٍ ورديٍّ ، يتحدثان عن غرفة نوم فيبتسمان، ثم المطبخ
فتسرح الفتاة في أحلام، و عندما يرسمان بخيالهما البسيط غرفة الأطفال يبتسمان
بشوق أيضاً، هكذا يقضيان فترة لقائهما في تصميم بيت من سعادة لاصخب فيه و لا
نصب، ثم يضيفان إليه تأثيرات من صياح الأطفال، ويبدآ في اختيار الأسماء! أنا أفضل
حسام و رباب ، لا أنا تعجبني صفاء و مهند.
لحظات جميلة تمركالبرق، حتى يحين الزواج فيبارك الله لهما فيه.

أما في ألفية المواقع الاجتماعية، فالحال أصبح لا يطاق، يلتقي مراهق بمراهقة في
أي مكان حتى عند باب بيت الفتاة ، لا حرج ! لم يعد الآباء قادرين على المنع
( تطبعوا هم أيضاً) .

شكل الفتى يبعث على الغثيان، سروال مثقوب من كل جانب، هابط من خاصرته،
فَـيُخرج هاتفه الخلوي و يريها تعليقات سخيفة عن موضوع تافه أثاره هذا الصباح أو في
آخر الليل مع أقرانه .. ثم يضحكا بملإ فيهما لا يعنيهما نظرات المارة بالمرة.
و هي تُخرج بدورها هاتفها الذي على شاشته الأولى صورتها الشبه عارية تخرج
فَـمها كمنقار اللقلاق 🙁 و في الشاشة الثانية صورتها الثانية التي التقطتها في حفلة
زفاف أحد أقربائها أو جيرانها في كامل زينتها .
هما لا يتكلمان عن زواج أو مستقبل أو دراسة حتى، فقط عن مهارتهما في التقاط
الصور بالهاتف و كثرة المعجبين بصفحتها على الفايسبوك و عن الشات،
ثم عرض بعض الصور التي تقودهما إلى العناق و القبل .
هذا حال جل شبابنا اليوم. فالسؤال الذي يطرح نفسه بقوة الصاعقة:
كيف نتصور مستقبل هاته الأمة بعد 15 أو 20 سنة من الآن ؟ الفتاة لا تعرف واجبات
البيت و لا التربية و لا احترام الغير، كل تفكيرها موجود سلفاً في هاتفها، حاسوبها
و على شاشة التلفاز!
الشاب لا يستطيع حتى ربط حزام سرواله الذي كشف عورته منذ سنين ، لا يعرف
احترام الغير، كلمة المستقبل يرفض الخوض فيها، حياته مرتبطة بالهاتف و الحاسوب ،
كلامه تُـكْمِلُه الحركات ( ليست له لغة للتواصل) ، صحته مبنية على البسكويت،
يسير في الطريق محدودب الظهر كالعجوز، مستواه الدراسي رديء ، معرفته
بالحياة تكاد تكون منعدمة ..
أي مستقبل لهاته الأمة ؟ اللهم الطف بنا .


                                               ▓▒▒▒░░░░░ ▃ الحب في الشارع ▃  ░░░░░▒▒▒▓


إقرأ أيضاً: قسم خواطري التي تحمل الآهات ..

 

قناتي على اليوتوب

لا ترحل قبل أن:
لا تَقْرَأْ وتَرْحَل … تَـعْلِيقَـاتُكَ تَـشْجِيعٌ لَـنَـا لِنَسْتَمِرَّ فِــي الْبَحْثِ وَالْعَطَـاء. وإِذَا أعْجَبَتْكَ الْمَقَالَة، شَارِكْهَا مَعَ أصْدِقَائِكَ عَبْرَ مَوَاقِع التَّوَاصُل.

فكرتين عن“الحب في الشارع”

  1. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    أولاً أشكرك على مرورك العطر وتعليقك المميز .. أخي أبو سارة، تعليقك هذا أتاح لي الفرصة مرة أخرى لقراءة المقال .. أشكرك وأتمنى لك التوفيق دائماً
    في أمان الله

  2. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    اخي العزيز لااعرف ان اصف مشاعري واحاسيسي تجاهك فمقالك يجعل كل فرائصي تهز طربا وابتهاج لماتضمنه من كلمات عبرت عما يجول بخاطري وكأنك في داخلي وتقرأ مايعتمل بي من الم وحسره وانا ارى ما آلت اليه الاحوال في مجتمعاتنا الاسلاميه والعربيه على وجه التحديد بعد ان انهارت كل قيم الرجوله واهتزت كل القيم العائليه والاجتماعيه امام ضربات القادم الينا عن سبق اصرار وترصد حاملا معول التهديم لكل مانتميز به من الاخلاق والقيم التي علمنا اياها ديننا الحنيف واعرافنا الاجتماعيه التي جبلنا عليها منذ نعومة اضفارنا انه الغول الغربي المتخم بكل قذرات الغرب تحت عنوان الحريه والتحضر و الذي تستشرف له اعناق شبابنا بالانبهار والدهشه وذلك امر يدعوا للاسف الشديد ولااكتمك سرا بانك اجليت الغبار المعتم الذي جعلني اعتقد بل اجزم بان بلاد المغرب العربي لاسيما المغرب قد انهارت كليا واصبح فيها المجتمع بعيدا كل البعد عن دينه واخلاقه وقديمه استنادا لما ارى واسمع وها انت اليوم وقد ازحت عن ناظري تلك الغشاوة المعتمه وجعلتني احمد الله كثيرا بان اهلي في المغرب على النقيض من مايدور وحتما بان على شاكلتك الكثير. ختاما انحني لك واقبل اناملك المباركه التي خطت تلك الددر المباركه وكل التحيه والتقدير لشعبنا المغربي الشقيق.

    اخوك ابو ساره من العراق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

حول الكاتب :   من أقصى شمال المغرب كاتب مقالات إلكترونية حول كيفية بناء موقع ويب ناجح : ووردبريس ، HTML ، CSS .ومواضيع مختلفة وناشط على اليوتيوب في قناة: Jabism Web و رحيل الليل
كتب 445 مقالة في jabism.com.
-:- راسلني   -:- تابعني على تويتر   -:- تابعني على الفايسبوك

37 عدد المشاهدات لهذا المحتوى
Scroll to Top